النص :
...........
عـلى ضوء فانوسنا،
قد كتبتُ رسائلَ عِـشقي وموتى،
ومنْ شهقَةِ الجرح ِ , أحرفها،
قطعـةً , قطعـةً , منْ دم القلبِ
صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ
ومن شهقة النار أغـرودةً
قد صَنَعْـتُ
لعـشقِ المواسم والكبرياء
وبرَّدْتُ ماء الجرار ( الجحيم)
عـلى سطحنا في المساء...
إلى أين تمضي؟
بريدَ القوافل
وهذا كتابي
يضم الحنين صلاةً
لفجر البهاء
ونذري أناشيد سفَر
تنام عـلى أنَّـةٍ
نَسَجَتْ بيتَنا للورود الحزينهْ
نشم ّ بدمع اللظى
كُلّ خيباتنا باصفرار الوجود
يضمُ الحنين سماءً
وطيفاً
طليقاً
يذوبُ
عـلى شفةٍ أشْعَـلَتْها الحرائق
لعلَّ عـناقيد أعـنابنا
تمدُّ لبرق المياه صباحاً
يفكك ظلمة أرض الخراب
. . . . . . .
على ضوء فانوسنا يسيل الظلامُ
تموت الخرائط
يسيل الظلام
ينابيع دغْلٍ
وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب
ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ،
تستحيلُ عذاب.
وكل زهور الحدائق
تموت بملح الجحي.
وهذا غـناء البساتي،
اعتلى حجر الماء زهر اغـتراب
عـلى ضوء فانوسنا يستفيق الحصى.
تهب الرياح..!
في ظلمة الكهف جوعـاً شممن،
وشمساً سمعـنا،
ستشرق من آخر الكون , تبدو
بثوب نهار بلي،
تصلي عـلى نسج،
جمرةٌ من دماء الشهيد.
إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي؟
فاي ّ دمٍ سال فوق اللهيب؟
سخامك يعـلو سماء الظلام.
أفاعـي الخراب تلوذ بطين العـفاء
بكل الجهات تلوذ الأفاعي
لتسرق خبز البقاء
إلى أين يا ضوء فانوسنا؟
آدم المبتلى سوف يمضي
وهذي الفصول الكسيحةُ
تحفر قبر اليتيم.
وحواء صلَت عـلى نَدمٍ
كان إغـراء تفاحةٍ
قد عـوى في الفضاء.
هذا عـواء الهواء،
دمٌ فاترٌ يتلظى،
يُردد في ظلمة الأرض
هذا أسى كربلاء!
وحواء سالت
عـلى وجهها عثـزلةٌ عـارمة.
وسالت بقايا اجتراحٍ أثيم.
تَكسَر حلْم التوهج
في نغـمةٍ فاحمة
وهذى المدى بين جُرح المسافة والحُاْم
يسكن روح المخاوف
في وحشةٍ كافره
وهذا نثارُ التراب
يدور على نهدة الريح في
فلك الراحلين
فأي الليالي , تفككُ أرحامَها؟
أي غـيمٍ سيورق في
أضلعٍ الفاجعـهْ؟
وأي العـصافير تشدو
يتم الشجر؟
وهذي القلوع حَجَر . وهذا النخيل حجر.
وهذا الزمان حجر..!
عـلى ضوء فانوسنا منذ عـشرٍ
سمعـنا نشيد الرياح
ومرّ السحاب طعـمنا
وتعـوي الذئاب بلي الفرات
وهذا أوانُ النعـاس
عـلى نجمة الصباح
لعـل دخان الفوانيس
يُطرِّز ريح اليباس ..!
ليزهر في شحر البيت قداحْ
..............
الدراسة:
ما هو متعارف عليه ، لدى المعنيين و المهتمين بموضوعة النص الحداثوي ، ان العتبة العنوانية ، كمنظومة سيميائية اشاراتية دلالية ، تُعد من اهم النصوص الموازية في المُنجز الادبي الابداعي الحداثوي ، وأول ما يتبادر لذهن المتعاطي مع هكذا نص ، ان العنوان يمثل مفتاحاً لمغاليق النص ، يُمكِّنه من ولوج عالمه الداخلي ويساعده على سبر اغوار بنى دلالاته ، وصولا للتعرف على معناه الكلي .
غير ان هناك عتباتٍ ، لها خصائص ومعايير النص المصغر المكثف ، بهذا المقدار او ذاك ، وهنا يغدو ( المتن ) مفسراً وموضحاً لدلالتها المعنوية ، والقراءة الفنية المعمقة للنص و عتبته ، هي ما تحدد نصية او مفتاحية العتبة ، وان اشكل على تلك القراءة التفريق بينهما ، فيكون تفكيك العتبة هو مايقرر نسبتها الى أحدهما.
وعتبة هذا النص ( موضوع الدراسة ) ، هي من هذه العتبات الاشكالية ، وتفكيكها وحده سيكون البات في امر تحديد نوعها.
التفكيك :
العتبة العنوانية ( الفانوس ) ، جملة اسمية مركبة من مبتدأ وخبر،مزاحة تركيبياً بحذف احد رُكنَيها وكما يلي :
مبتدأ (مسند اليه) ظاهر/ الفانوس + خبر( مسند ) محذوف/ مسكوت عنه.
تفكيك الركن الظاهر منها :
اولاً / البنية الدلالية
الاشارة ( الفانوس ) متعددة الدلالات ،كما في أدناه :
١ـ الدلالة المعنوية : الفانوس آلة مصنَّعة لغاية محددة هي توليد
الضوء ، باحتراق الوقود السائل ( النفط الابيض ) في داخله
٢ـ بالاحالة الخارجية / التراث الشعبي : وسيلة اضاءة بدائية ، كان اهالي
القرى والارياف والاحياء الفقيرة في المدن ، يستعملونها في اضاءة دورهم
ومناطق تجمعاتهم العامة وحتى طرقهم وشوارعهم ، قبل شمولها بالاضاءة
الكهربائية خلال العقد السابع من القرن الماضي ، فالفانوس ارتبط بحياة
الفقراء والطبقة الكادحة في المجتمع العراقي.
المسكوت عنه وجود المقابل لها / الطبقة الميسورة الحال .
ومقاربتها السوسيولجية : وجود تفاوت طبقي في المجتمع
٣ـ الدلالة الرمزية : كون الفانوس مصدر اضاءة / النور ، امكن توظيفه
كإشارة لرمزية النور، ومنها انه كاشف لما يحجبه / يستره
ما سكتت عنها وهي / رمزية الظلام ، مما يوحي بتوترية العلاقة بينهما.
لكن هذه الاشارة موحية بالسكونية والفاعلية الزائلة ( المؤقتة ) من جهة،
و بارتهان دلالتها بمزاجية الآخر، من جهة اخرى
فسكونيتها تعني : ثبوتها في موضع لاتبرحه ، فهي تساعد على رؤية ماستره الظلام من حولها فقط ، ولا تفعل فيما هو ابعد من ذلك
اما فاعليتها الزائلة فتعني : ان اثرها في ازاحة الظلام مؤقت ، فما ان ينطفئ الفانوس حتى يعود الظلام ليلف المكان
المقاربة الدلالية : محدودية الاثر / فاعلية آنية غير دائمة
اما ارتهانها بمزاجية الآخر : اي ان هناك من يقرر / لايقرر ، ملء حجرة النفط في الفانوس كلما نفد ( جراء استعمال )، وكأنَّ للفانوس مرجعاً يعود اليه باضطراد كي يمده بما يديم عمله.
وكما في المقاربات التالية :
ـ رمزية النور = العلم ، الثورة ، الحرية
المكافئ الموضوعي لها = الوعي الحر
اذاً : النور = الوعي الحر
ـ رمزية الظلام = الجهل ، الظلم ، العبودية
المكاقئ الموضوعي لها = التخلف
اذاً الظلام = التخلف
العلاقة المقابلة :
النور / الظلام = الوعي الحر / التخلف
باستدعاء الاشارة ( الفانوس ) كتوظيف دلالي متعالق مع رمزية النور :
الفانوس = الوعي الحر
بالاحالة الداخلية على الدلالة / 3 اعلاه ( مزاجية الاخر ) ، نفهم أنه
وعي آني الأثر ومنقوص الحرية / فكر يصف ولايغير ،تبعي غير مستقل ،اي يعتمد على مرجعيات ( آخروية ) تتحكم باشتغالاته الثورية ، من خلال تحكمها بديمومة / تعطّيل نشاطه الجمعي التنويري، ودوره الوطني في الحياة السياسية
مكافئه الموضوعي : الفكر اليساري
موضعة هذا الفكر مكزمانياً
العراق المعاصر (بالاحالة الخارجية / سيرة حياة الشاعر : عراقي / 1946
ثانياً / البنيتان النحوية والصرفية
ـ النحوية : الفانوس مبتدأ ، بدلالة معرفيته ( معرف بأل ) ، خبره محذوف جوازاً
المقاربات الدلالية لهذا الحذف:
الحذف الجائز = السكوت عن المحذوف بقصدية ما
ومقاربات دلالات هذه القصدية :
فتح مجال تخمين ماهية الخبر امام القارئ واسعاً ، بشد انتباهه ، واثارة فضوله مما يعني استدراجه لولوج عالم النص،
عدم تخصيص المبتدأ بخبر ظاهر محدد المعنى ، يجعل اشارته متعددة الدلالات ( كما مر بنا آنفاً ) ، فتكون ذات ( طبقات معنوية ) متعددة،
كونه مسندأ اليه بلا مُسند ، جعله مقطوعاً عما بعده ، ضعيف التأثير في سياق جملة مبتورة ،بلا انتماء لجملة لها معنى محدد ، مما جعله بحاجة للآخرين ( القراء ) لتقدير خبره ، وهذا يكافئ ما سبق ذكره في الدلالة / 3 أيضا ( وكأن الفانوس له مرجع يعود اليه باضطراد كي يمده بما يديم عمله)
ـ البنيةالصرفية :
الفانوس اسم آلة جامد ، غير قياسي ، وجموديته تكافئ دلالة / منقوص الحرية اعلاه ، وغير قياسيته ( اي انه غير مشتق عن مفردة من جنس حروفه وفق قاعدة صرفية ثابتة ) تَقْرُبُ دلالةً من قولنا السالف الذكر ( بلا انتماء لجملة لها معنى محدد)
نستنج ان التفكيك اعلاه ، أبان الخصائص النصية ادناه لبنية الاشارة العنوانية :
ـ تعدد الدلالات ظاهرياً ، وتعالقها تحتانياً مع بعضها معانوياً ، في سياقٍ
مقاميٍّ متماسك / منسجم ،لوجود ( ترابط دلالي ) فيما معانيها ، مما
جعلها قابلة للفهم و التأويل
ـ وجود الازاحة التركيبية ( حذف الخبر ) ، له قصدان :
١ـ جعل الاشارة باعثةً / مرسلةً لسؤال ( ترى أي فانوس هو؟
أهو خاص / فانوس البيت مثلاً،أم عام / فانوس الشارع او المقهى ... الخ ، وقد يكون سؤالاً عن لونه او حجمه وغير ذلك ، او انه سؤال عن دلالته الرمزية ؟ و ... الخ ، والمتن النصي هو الذي يقدم الاجابة المنشودة عنه ، من خلال تحليله وشرحه لدلالات تلك الإشارة .
٢ـ الحذف ( بأرَ ) الاشارة دلالياً / جعله بؤرة دلالية ، مما جعل المعنى التحتاني للعتبة العنوانية يتمحور حولها.
باعادة تركيب ما نتج ، عن تفكيكنا ، من دلالات ، مقاربات معنوية
واخرى مسكوت عنها ، اضافة للخصائص السابقة ، يتولد لدينا :
ان الاشارة العنوانية هي ( عتبة عنوانية نصية مصغرة مكثفة)
مقاربة دلالتها المعنوية التحتانية :
لااستقلالية الفكر اليساري العراقي
بذا على المتن ان يفسر ويوضح ويجيب عما تثيره من اسئلة
بحكم علاقته الجدلية معها
المتن :
المقطع الاول /
(عـلى ضوء فانوسنا
قد كتبتُ رسائلَ عِـشقي وموتي
ومنْ شهقَةِ الجرح ِ , أحرفها ,
قطعـةً , قطعـةً , منْ دم القلبِ
صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ
ومن شهقة النار أغـرودةً
قد صَنَعْـتُ
لعـشقِ المواسم والكبرياء
وبرَّدْتُ ماء الجرار ( الجحيم)
عـلى سطحنا في المساء)
كتابة الرسائل دليل ابتعاد كاتبها مكانيا عن المرسل اليه ، ولما كان الفعل ( كتب ) منقطع ( لم يذكر الكاتب الى من كتبها ) ، فهي انما رسائل على سبيل المذكرات الشخصية ،او التوثيق الانفعالي الذاتي ، بدلالة ( عشقي و موتي )وهذا التوثيق محرَّف ( احرفها ) ، بسبب / قاهر او مانع خارجي ، هو من سبَّب { موتي ( وهو معنوي هنا ) ، شهقة الجرح / شهقة النار } ، ويراقب كل من يعترض على افعاله ( مانع سلطوي / عيون اتباعها ) ، مما اجبره
على التحريف اتقاءً لأذاه او مساءلته ( وهذا ينسحب على / عشقي ، فهو عشق محرّم كأن يكون عشقاً للحرية او للخلاص من الظلم ، وما شابه ، فلو كان عشقاً لحبيبة لما اضطر لتحريفه ) ، فجاء تحريفه لرسائله
(صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ) ، وجعل من شهقة نار الحرمان ( اغرودة .... لعشق المواسم والكبرياء)
وهو هنا يخفي / يسكت عن ، مايقابل هذه التحريفات ، والتي يعيشها في واقعه ، وكما توضحه هذه التقابلات :
شمس / ظلام ، اغنية مشرقة / عويل حزن ، اغرودة / نعيق ، المواسم والكبرياء / جدب حياة والهوان.
ولا ينبري الا الشقاء كواقع حقيقي ، شقاء حوّل جرار الماء الى جحيم لايمكن تبريدها للشرب سوى بوضعها على سطح البيت ليلاً ( وبردت ماء الجرار ( الجحيم .. على سطحنا في المساء ) وهذا مما لايحتاج
الى تحريف لأنه يُشعر الرقيب ان السلطة نجحت في تحقيق هدفها ( افقار الناس وحرمانهم )
هي اذاً رسائل توثق لواقع بائس ، كان بمثابة المحفز لولادة فكر يتماهى مع تطلعاته بغد افضل ، ويحقق له حياة كريمة ، لكن صاحبه لايقوى سوى على تحريفه ، وعدم التصريح به للاسباب المار ذكرها.
" المتن هنا ( يوضح ) الملامح الوصفية الاولية لبيئة نشوء ذلك الفكر ، وما كان يحفّ به من مخاطر"
ويظل ( الفانوس ) يلازم مطلع كل مقطع من مقاطع المتن لتأكيد حضورة بأعتباره ( بؤرة ) دلالية ،الا المقطع الثاني باعتباره امتداداً للاول بدليل ( بريد القوافل ) ، فالبريد له ارتباط دلالي ( بالرسائل )، اضافة الى انه
يموضع ذلك الفكر بيئوياً
إلى أين تمضي)
بريدَ القوافل؟
وهذا كتابي،
يضم الحنين صلاةً
لفجر البهاء
ونذري أناشيد سفَر
تنام عـلى أنَّـةٍ
نَسَجَتْ بيتَنا للورود الحزينهْ
نشم ّ بدمع اللظى
كُلّ خيباتنا باصفرار الوجود
يضمُ الحنين سماءً
وطيفاً
طليقاً
يذوبُ
عـلى شفةٍ أشْعَـلَتْها الحرائق
لعلَّ عـناقيد أعـنابنا
تمدُّ لبرق المياه صباحاً
يفكك ظلمة أرض الخراب)
الاشارتان ( صلاة / نذر ) ذاتا تناص خارجي / الطقوس الدينية ،
الاشارات ( انة ، الورود الحزينة ، دمع اللظى ،خيبات ، اصفرار الوجود الحرائق ، اعناب ، ظلمة ، ارض الخراب
المتن هنا ( يموضع ) ذلك الفكر ( مكانياً / بيئوياً ) بذكره ما تتصف به مناطق وسط / جنوب العراق ، من تقاليد دينية لاسيما ( النذر ) وشظف العيش ، والاحزان وخراب الارض رغم وفرة خيراتها
، فكر يكتفي باللوذ بالرجاء ( لعل عناقيد ... تمد لبرق ....يفك ظلمة ...) ، والرجاء يقابله / غياب السعي لتحقيق المراد .
المسكوت عنه : جور السلطة فهي المسبب لتلك الويلات.
ولرسم معالم ذلك المكان / البيئة ، بشكل اكثر تحديداً ، يذكر المتن اشارة (نخل ) لدلالة على الجنوب العراقي ( ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ ,) في المقطع :
(على ضوء فانوسنا يسيل الظلامُ
تموت الخرائط
يسيل الظلام
ينابيع دغْلً
وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب
ونخلٌ ذبيحٌ على تربةً
تستحيلُ عذاب.
وكل زهور الحدائق
تموت بملح الجحيم
وهذا غـناء البساتين
اعتلى حجر الماء زهر الاغتراب!)
الاشارة ( تموت الخرائط ) : دلالة على الحروب التي تسببت بها السلطة الشمولية مع دولتي الجوار شرقاً وجنوباً والسبب المباشر لها كان الاختلاف حول الحدود البرية والمائية ،اضافة الى اشارات ويلات تلك الحرب
( وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب
(...ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ
وغيرها من اشارات المآسي والفجيعة والغربة النفسية.
"المتن ( يشرح ) " الموقف الوصفي ، لااكثر ، لذلك الفكر ، الذي
(يسيل الظلام ) عليه ورغم ذلك لاينتفض بصيص فعل يبدد سواد حزن الضحايا ، ويبقى ملازماً ( السكون / اللافاعليه ) ويكتفي بتمني تحقق المحال ( استفاقة الحصى ) ، رغم تصاعد الويلات والفواجع ( دماء الشهيد ) كما في:
(عـلى ضوء فانوسنا يستفيق الحصى.
تهب الرياح ..!
في ظلمة الكهف جوعـاً شممنا،
وشمساً سمعـنا
ستشرق من آخر الكون , تبدو
بثوب نهار بليد،
تصلي عـلى نسجه
جمرةٌ من دماء الشهيد)
احجام ذلك الفكر عن المواجهة ، واكتفائه بالمراقبة والتمنيات ، بلغ حد
ان من يستفهم منه عن طريق الخلاص ( إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي؟)
لايحصل منه الا على ( سخامك يعـلو سماء الظلام .) / مقاربتها الدلالية :
المُثُل والشعارات البراقة لكنها جوفاء ، كما ( بريق ) الاحتراق الذي يولد السخام :
(إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي؟
فاي ّ دمٍ سال فوق اللهيب؟
سخامك يعـلو سماء الظلام.
أفاعـي الخراب تلوذ بطين العـفاء
بكل الجهات تلوذ الأفاعي
لتسرق خبز البقاء.)
باقي اشارات المقطع وصفية لتصدع واقع الحياة ( بكل الجهات)
" المتن ( يوضح ) " عزوف وانقطاع ذلك الفكر عن التاثير في الحياة الواقعية ، وبقائه شعاراتياً
والمقطع ماقبل الاخير ادناه يؤكد تلك القطيعة :
إلى أين يا ضوء فانوسنا)
آدم المبتلى سوف يمضي؟
وهذي الفصول الكسيحةُ
تحفر قبر اليتيم.
وحواء صلَت عـلى نَدمٍ
كان إغـراء تفاحةٍ
قد عـوى في الفضاء.
هذا عـواء الهواء،
دمٌ فاترٌ يتلظى،
يُردد في ظلمة الأرض،
هذا أسى كربلاء..!.
وحواء سألت،
عـلى وجهها عزلةٌ عـارمة.
وسالت بقايا اجتراحٍ أثيم.
تَكسَر حَلْم التوهج
في نغـمةٍ فاحمة.
وهذا المدى بين جُرح المسافة والحلم،
يسكن روح المخاوف
في وحشةٍ كافرة
وهذا نثارُ التراب
يدور على نهدة الريح في
فلك الراحلين
فأي الليالي , تفككُ أرحامَها؟
أي غـيمٍ سيورق في
أضلعٍ الفاجعـة؟
وأي العـصافير تشدو
يتم الشجر؟.
وهذي القلوع حَجَر . وهذا النخيل حجر.
وهذا الزمان حجر..!
في اعلاه المتن ( يفصّل )" لاابالية ذلك الفكر بالهم الجمعي واصراره على الاعراض عن اجابتهم ، حتى ان اضطروا لمغادرة / جنة العراق
الى أين يا ضوء فانوسنا)
آدم المبتلى سوف يمضي؟
مقاربة ( ادم المبتلى ) المعنوية : العراقي الذي حل عليه بلاء القهر والحرمان
المسكوت عنه / الجنة
ترك الوطن مكافئوها الدلالي : الهجرة ( وهذا المدى بين جُرح المسافة والحلم)
و ( وهذا نثارُ التراب ,يدور على نهدة الريح في , فلك الراحلين)
والمقطع متخم بالاشارات الدالة على اللوعة والخوف والوحشة .. الخ التي ترسم صور الغربة المبددة للامان
المقطع الأخير :
عـلى ضوء فانوسنا منذ عـشرٍ
سمعـنا نشيد الرياح.
ومرّ السحاب طعـمنا،
وتعـوي الذئاب بلي الفرات
وهذا أوانُ النعـاس
عـلى نجمة الصباح
لعـل دخان الفوانيس
يُطرِّز ريح اليباس..!
ليزهر في شحر البيت قداحْ)
المتن ( يطلق الدلالة ) الفانوسية لتشمل سائر ( الفوانيس / الافكار ) الأخرى،
لكنها دلالة تؤكد ( شعاراتيتها ) اجمع :
لعـل دخان الفوانيس)
يُطرِّز ريح اليباس..!
ليزهر في شحر البيت قداحْ)
المتن اذاً يجيب عن السؤال : ترى أي فانوس هو ؟؟ / الذي طرحته العتبة
والجواب : انه الفانوس ذو المعنى التحتاني / الفكر اليساري ( كما اوضحناه سابقاً
....................................................................................................
السياق المقامي *: هو السياق الخارجي / خارج النص، الذي
يمكن أن تقعَ فيه الاشارة، وما يرتبط بها من عناصرَ غيرِ لغوية زمانية
تتصلُ بالعصر، او مكانية بيئوية او مجتمعية عامة وغيرها.